مهما كبرت مشاكلنا .. ومهما استغرقت وقتا لحلها .. ومهما ضقنا من الشكوى منها .. إلا اننى ارى ان أى مشكلة يمكن حلها إلا مشكلة اطفال الشوارع
ربما لانهم يتزايدون يوما عن يوم
وربما لانهم لا يجدون الامان فى بيوت الرعاية ويجدونها أشبه بالسجون
وربما لانهم لا يجدون من يرعونهم رعاية حقيقة بعيدا عن الإعلام وحب الظهور
والتصريحات التى تبهر الاذان ويصغى لها العقول والقلوب ثم تتبخر
وربما لأنه لا توجد أصلا بيوت رعاية
أطفال فى عمر الزهور يرتدون ملابس ممزقة متسخة ويبدو من مظهرهم انهم لم يذوقوا يوما طعم الاستحمام فلا مسكن لهم ولا مأوى ينتشرون فى الاسواق وعلى الكبارى وفى مواقف السيارات وعلى ابواب المساجد .. بل حتى يصلونك حتى باب منزلك طلبا لوجبة طعام تسد رمقهم بعد ان مزق الجوع أحشائهم
والحق ان قضيتهم لم تكن تشغلنى كثيرا فى الماضى وكنت كغيرى انشغل بمشاكلنا الحياتية إلى ان اقترب منى أحدهم وانا أقف فى انتظار زوجى خارج إحدى محلات السوبر ماركت .. وهو طفل صغير بين السابعة والثامنة من عمره وقال لى ( ممكن ربع جنيه أجيب بسكوتة ) .. وما ان اعطيته ما يريد حتى رأيته دخل السوبر ماركت واشترى زجاجة مياه غازية وجلس على الرصيف ليرتشفها
لا استطيع ان اصف لكم كم تألمت لحاله ! ..وكدت أبكى لولا اننى تمالكت نفسى لوجودى فى الطريق العام
لو كان سار فى طريقه بعدما اخذ ما اراد ما كنت تالمت لأجله إلى هذا الحد .. وكنت ظننت كالعادة انه محترف تسول ليس إلا .. لكن أثر فىّ كثيرا ان طفلا صغيرا لا يستطيع شراء ما يريد وقتما يريد .. ولا أن يحيا حياة كريمة كغيره من أبناء عمره وكل ذنبه فى الحياة أنه جاء إليها
إلى جانب الإهانات التى قد يتعرض لها والتى لا يُعامل بها القطط فى الطريق كالزجر والسب وأخفها وطأة الجمل الشهيرة التى
نستخدمها غالبا مثل : " الله يسهلك" و " الله يحنن عليك " و " روح شوفلك شغلانة "
وأكثر ما آلمنى وما زال يؤلمنى حتى الآن اننى لم استطع ان اقدم له تلك الحياة الكريمة التى يستحقها كل طفل فى مثل سنه .. واكتفيت بان اعطيته نقود لا تمثل شيئا لاحتياجاته
ولأجل هذا قررت كتابة هذا الموضوع .. عله يستطيع عمل ما لم تفعله المؤسسات ودور الرعاية والجمعيات الخيرية ألا وهو بذر حب هؤلاء الاطفال فى قلوبكم الرحيمة ومحاولة مساعدتهم بقدر الإمكان ولو حتى بالتكفل بإطعام طفل واحد مرة كل أسبوع وتوفير الملبس المناسب له
لا داعى لأن ننتظر شهر رمضان من كل عام لنتقرب إلى الله بالصدقات طامعين فى مضاعفة الأجر فهؤلاء المساكين قد يؤدى بهم الجوع إلى الإنحراف لأنهم لا يجدون بابا مفتوحا لإستقبالهم إلا باب الجريمة
وأذكركم بقول الله تعالى :
" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "
سورة التوبة – الآيه 60
قد تقولون قد تكون فريضة على الموسر والثرى .. وليس على من يكفى احتياجاته اليومية بالكاد فى ظل هذه الظروف الصعبة التى نحيا بها .. اقول لكم ان تقتطع ولو خمس جنيهات او بقدر ما تستطيع من راتبك الشهرى لإطعام طفل صغير مرة فى الشهر لن يضيرك شيئا ولن تؤثر كثيرا على نفقاتك واذكرك ان الله يبارك فى المال المتصدق عنه .. ويربيه ويرده إليك خيرا فى الدنيا بمداواة المرضى وبجلب الرزق والمباركة فى الأهل والولد وبدفع البلاء وبتليين القلب وبانشراح الصدر والطمانينة .. وفى الآخره بإتقاء النار وبرضا الله و باستظلالك بظل صدقتك يوم القيامة و الدخول من باب اهل الصدقة المخصص لهم
وما أعظم ذنوبنا وأشد احتياجنا إلى تطهير صحائفنا وقلوبنا بالصدقة .. وما أحوج هؤلاء الاطفال المساكين لصدقتك
فلتكن قضيتنا مساعدة هؤلاء الاطفال بكل ما نستطيع .. مالا .. وملبسا .. ومسكنا .. ولو حتى مخزن صغير يقيهم قسوة البرد ولهيب الشمس وإهانة الغير محاولة منا أن نغنيهم مذلة السؤال بقدر المستطاع تحقيقا لمبدأ التكافل فى الإسلام
اتمنى ان يجد ندائى صداه لديكم
اترككم فى رعاية الله وأمنه
والله الموفق ،،،